إذا كانت لديك فكرة تنوي تحويلها إلى مشروع فأول خطوة هي إعطاؤها اسما. لا تستغرق في ذلك اكثر من 10 دقائق. لا تقلق ستقوم بتغيير الاسم لاحقاً لما يناسبك وبعد دراسة معمقة. خذ قلما و ورقة و تابع معي كيف سنقوم بتطبيق مختلف الخطوات على مثالنا للموقف الذكي و قم بطبيقها على فكرتك بالتوازي. فلنبدأ سنتطرق لخطوتين: 

  1. إعطاء اسم لفكرتك.
  2. القلم والورقة وتوصيف الفكرة ورسمها.


كنتُ دائما أعتقد أن إيجاد فكرة لمشروع تجاري مربح هو أهم وأكبر تحدي يواجهه رائد الأعمال، لأن الفكرة اذا كانت مبتكرة وجديدة وملفته للأنظار فهذا بالضرورة سيؤدي إلى نجاح المشروع ككل.

لعل لديك نفس الاعتقاد ومع الأسف لم تكن هذه الفرضية صحيحة, وبنفس الوقت هي ليست خاطئة بشكل كامل.

ما توصلت إليه هو أن مرحلة ما بعد الفكرة هي التحدي الأكبر وكلما قطع رائد الأعمال شوطا آخر في عمله كلما زادت التحديات.

مقالتي هذه تحاول تجاوز مرحلة البحث عن الفكرة وتنتقل بك مباشرة إلى ما بعد إيجاد الفكرة لتكون دليلاً عملياً يرسم مراحل الانتقال من الأفكار المجردة إلى المشاريع الريادية بطريقة مبسطة بعيدة عن الكلام النظري وقريبة من ملامسة الواقع العملي. وفيما يلي مراحل العمل من فكرة مجردة إلى مشروع قائم و منتج يدر الأرباح. سنحاول الإجابة على السؤال: كيف أطلق مشروعي؟

خطوات إطلاق المشروع الناشئ بنجاح:

  1. بَلْورة الفكرة وتوصيفها.
  2. الدراسة الأولية للسوق.
  3. بناء النموذج الأولي.
  4. إيجاد استراتيجية ونموذج التسعير بشكل أولي.
  5. الحصول على الزبائن التجريبيين.
  6. دراسة تحديات عملية التسويق وإقناع الزبائن.
  7. الاستفادة من ما سبق لتعديل أحد أو كل الخطوات السابقة.
  8. رسم خطة تطوير المنتج المطلوب.
  9. دخول السوق وبدء عملية التعلم الحقيقي.
  10. التكيف والمرونة لمطابقة متطلبات السوق الحقيقية.

كما نرى من خلال سرد الخطوات السابقة أننا لا نركز هنا على كيفية الحصول على التمويل أو التقدم لمشاركة أحد المستثمرين لأن هذا الأمر يعتبر شيئا آخر كلياً ويحتاج للعمل عليه بالتوازي باستخدام استراتيجيات أخرى لسنا في صدد نقاشها الآن.

تعتبر كل خطوة من الخطوات العشر السابقة خطّاً عريضاً يحتاج إلى الكثير من التفصيل والشرح ويحول حوله العديد من الآراء والطرق التي غالباً ما تعبّر عن خبرة أصحابها.

ما أود قوله هو أيضا تعبير مباشر عن خبرتي ورأيي كرائد أعمال، ولكني عملت جاهداً على البقاء في حيز العموم وترك التخصيص أو الدخول في التفاصيل العميقة للقارئ العزيز.

بلورة الفكرة وتوصيفها

لنفترض أن الفكرة الجديدة هي مساعدة اصحاب السيارات والسائقين في المدن الكبيرة على إيجاد أماكن متاحة لركن سياراتهم, كون عملية إيجاد مواقف شاغرة اثناء ساعات العمل هو أمر مجهد جداً.

عندما تشعر بأن عليك إعطاء هذه الفكرة أهمية وجعلها ربما مشروعك القادم, فإن أفضل شئ تقوم به لتسهيل المراحل القادمة هي إعطاء اسم لفكرتك, إذا كان للفكرة اسم مؤلف من كلمة او كلمتين, سيساعد ذلك ذهنك وذهن من حولك في التفكير والتطوير بشكل أفضل.

كيف أطلق مشروعي 1: إعطاء اسم لفكرتك

تصور أنك تريد أن تسأل صديقك حول أحد التفاصيل في فكرتك, كلما تكلمت معه على الهاتف ستبدأ سؤالك بقول "مرحبا أحمد، هل تتذكر فكرتي حول مساعدة أصحاب السيارت والسائقين في المدن ...الخ", أو تصور أنك تعد دراسة للسوق حول فكرتك على ورقة بيضاء وتكتب في أعلاها "دراسة السوق لمشروع مساعدة أصحاب السيارت والسائقين في المدن ...الخ ".

ألا تلاحظ أن فكرتك بدون اسم ليس فقط أمراً مربكاً في حديثك وكتابتك؟ بل أيضا هو مربك لذهنك وذهن من حولك.

حسناً الآن ربما أنت بدأت بالفعل في البحث عن اسم لفكرتك, لكن حذاري من وقوعك في دوامة البحث عن اسم برّاق وجميل، اسم ذو صدى تجاري لماع لأن هدفنا الان فقط اطلاق اسم سريع لفكرتك, قد يكون اسم مضحك أو لا علاقة له بالفكرة، لا تستغرق في ذلك اكثر من عشر دقائق، لا تقلق ستقوم بتغيير الاسم لاحقاً لما يناسبك وبعد دراسة معمقة.

سنطلق على مثالنا اسم "الموقف الذكي", في الحقيقة هو أول اسم خطر على ذهني مباشرة، ليس اسماً برّاقاً ولكنه يفي بالغرض.

الآن انت لديك فكرة "الموقف الذكي" وتريد البحث ودراسة السوق والزبائن واستشارة أصدقائك وما إلا هنالك، من الطبيعي جداً أنه كلما كنت واضحاً مع نفسك في توصيف فكرتك كلما ستكون واضحاً في تحليلك وتوصيفك للفكرة أمام الآخرين.

كيف أطلق مشروعي 1: وصف الفكرة

الآن ما هي أفضل طريقة لتوضيح الفكرة أكثر لذاتك؟ بالتأكيد هي القلم والورقة وتوصيف الفكرة ورسمها، خذ قلما بسرعة واكتب وارسم مخيلتك عن الفكرة.

اذا أخذنا مثالنا السابق "الموقف الذكي" يمكن أن نكون أوضح، سيكون عبارة عن تطبيق للهواتف الذكية، يتم البحث والحجز مع الدفع من خلال التطبيق، يمكن للسائق البحث بحسب المنطقة الجغرافية والتكلفة، سيتم إرسال تنبيه لهاتف صاحب الموقف بعد تثبيت الحجز...الخ.

يمكنك رسم تصورك عن هذا التطبيق على شكل نوافذ وأزرار، كل شيء ممكن على الورقة، لن تخسر شيئ، لا تفكر في هذه اللحظات عن التحدي التقني فهذا ليس وقته الآن.

كن واضحاً ودقيقاً قدر الإمكان، الدقة لا تعني الخوض بالتفاصيل العميقة، لكن تعني جعل التوصيف دقيق وغير عشوائي أو مبهم.

يمكنك أن تقول بأن التطبيق يعرض للسائقين المواقف الشاغرة، هذه دقة في الوصف، لكن لا داعي للقول أن المواقف الشاغرة ستكون مرتبة جانباً إلى جنب أو مرتبه تحت بعضها البعض فهذه تفاصيل لا داعي لها.

بالتأكيد ستواجه تحدي كبير أن ذهنك ليس صافي بما فيه الكفايه لتوصيف الفكرة، لابأس قم بما تسطيع فعله لأنك لاحقاً ستقوم بالتعديل والإضافة، لكن على الأقل كن واضحاً مع ذاتك لتكون واضحاً مع الأشخاص الآخرين من حولك.

لا تتوانى عن البحث عن مشاريع مشابهة لفكرتك، فهي تساعدك على صقل فكرتك بشكل جيد، لكن إعلم جيداً ان هذا التوصيف إنما هو توصيف مبدئي، كن مرناً في المراحل اللاحقة لتغيير جزء لابئس منه بعد عملية التعلم والتجريب.

الخلاصة: المرحلة الأولى لنقل الفكرة إلى مشروع تجاري هي توصيف الفكرة عن طريق:

  1. إعطاء اسم لفكرتك.
  2. القلم والورقة وتوصيف الفكرة ورسمها.

الجزء القادم من المقالة سيكون حول الخطوة الثانية - الدراسة الأولية للسوق.

المصادر:

  • خبرتي المتراكمة من إطلاق ثلاث مشاريع ناشئة خلال ست سنوات سابقة وعملي ضمن شركات أخرى منذ 2007.
  • مؤتمرات وندوات وبرامج تعليمية قمت بحضورها.
  • مفاهيم متعددة أخذتها وطبقتها من عدة كتب مثل
    (Disciplined Entrepreneurship/The Lean Startup/Personal MBA/.....)

---

مصدر الصورة: https://enablon.com/blog/2017/03/09/5-key-environmental-sustainability-metrics-to-consider