عندما تخطئ في وضع تسعير صحيح لمنتجتك, فإنك تهدد قيمتك في السوق, وإن كنت تبحث عن أكبر التحديات لدى المدراء التنفيذيين والماليين على حد سواء, فهو بين يديك الآن, إنه التسعير الصحيح المناسب الذي يجذب العميل بأقصى حد ويحصد الربح بأعلى مستوى. لذلك لابد لنا أن نكون واضحين بأن التسعير من أكثر الأمور صعوبة وتعقيدا كلما كبرت الشركة واتسعت شريحة العملاء وتداخلت الأسواق ودخل المنافسون بأساليبهم العديدة.
مميزات نموذج التسعير الأولي:
نحن هنا لسنا بصدد نقاش هذا التعقيد ودراسته بكافة تفاصيله, هناك الكثير من المقالات والكتب التي تختص بدراسة الأمر من جميع جوانبه, لكن مهمتنا ونحن في هذه المرحلة هو مجرد تسعير أولي يراعي المرحلة التي نحن بها وهي المنتج الأولي, لذلك لابد أن يتصف نموذج التسعير بالمزايا التالية:
- نموذج تسعير واضح يفهم بسرعة دون تعقيد: لا يتوجب على العميل التفكير مليا في السعر لكي يفهم التكلفة طبقا لطلباته, النموذج يجب أن يكون سهلا ومبسطا ليس به حسابات معقدة.
- يتيح النموذج للعميل أخذ فترة تجريبية مجانية : تتيح هذه الفترة للمستهلك أخذ المبادرة بالشراء أو التسجيل على المنتج. لكن من سلبيات هذه الطريقة أن البعض يعرض العديد من المزايا أو فترة طويلة بشكل مجاني, هذ الأمر يجب أن يكون محدودا ومدروسا.
- يجب أن يعود بالربح: تصور أن يكون سعر المنتج قابلا للبيع ولكن لا يعود بفائدة وعائد مادي مقبول, طبعا هذا الأمر غير مقبول أبدا, فالبيع بسعر لا يعود بالقيمة المطلوبة ليس أسلوبا للتسويق إنما هو طريق للفشل.
نعلم جميعا أن نماذج التسعير كثيرة جدا وكل نموذج يتوافق مع طريقة عرض وبيع واستخدام المنتج بالإضافة إلى السوق المستهدف وما اعتاد عليه العميل ضمن سوق محدد.
كيف تسعر منتجك وتضع السعرالأولي؟
هناك العديد من العوامل التي قد تقيدك في وضع استراتيجية وقيمة التسعير التي ترضيك: مثل القدرة الشرائية للعميل, سعر المنتج من قبل المنافس في السوق, القيمة المقدمة من وجهة نظر العميل, مدى شعور العميل بحجم المشكلة بدون المنتج ...الخ.
الأهم من ذلك كله هو إمتلاك تسعير أولي يمكنك من البيع والحصول على عائد مادي مقبول بحده الأدنى وبداية مرحلة التعلم في السوق.
هنا أستطيع تقديم نصيحة تلامس الواقع مباشرة و ذلك بإيجاد نموذج تسعير أولي مقبول ومن ثم دخول السوق بأسرع وقت والتعلم لتغييره لاحقا. و هي كالتالي:
- انظر إلى منافسك واستخدم نموذجه مع خفض السعر 10-15% لمنافسته.
- إن لم يكن هناك منافس مباشر فعليك البحث عن منافس غير مباشر يقدم خدمة شبيهة نوعاً ما بخدمتك, استخدم نموذجه مع تخفيض 10-15%.
- إذا لم تحصل على أي مما سبق, فقط قم بتحضير نموذج تعتقده مناسبا
- ومن ثم قم بسؤال زبائنك المحتملين عن رأيهم بشكل ذكي للحصول على الإجابات.
- لا تبحث كثيرا ولكن كن يقظا و لا تقدم سعرا غير منطقي يمنعك من دخول السوق بسبب ارتفاعه أو يشكك في جودة منتجك بسبب انخفاضه الشديد.
كما هو معروف عند رواد الأعمال فإن عرض المنتج بسعر منخفض ومن ثم رفعه رويدا رويدا هو أمر مزعج للمستهلك ومحرج لك في السوق, لكن يمكنك حل هذه المشكلة بوضع سعر مرتفع مع تقديم خصومات شهرية أو سنوية تجذب الزبائن, مع الوقت وبتطوير المنتج فإنه سيكون بإمكانك تقليص هذه الخصومات أو حذفها نهائيا.
لكن كيف لك أن تعرف أن سعر المنتج واستراتيجيته ستعود بفائدة مالية مرضية, طبعا كما ذكرنا الأمر صعب وينبغي دراسة العديد من المتحولات لمراقبة ومعرفة مدى الفائدة المعادة بعد كل عملية بيع وضمن كل فترة زمنية, لكن لا تقلق ففي مرحلتك هذه يكفي النظر إلى كلفة الإنتاج والتسويق مضروبة بعدد العقود المتوقع توقيعها ضمن فترة زمنية محددة.
لنأخذ مثالنا السابق و هو تطبيق الهواتف الذكية "الموقف الذكي", يمكننا بيع التطبيق بسعر ثابت عند التحميل فقط, يمكننا أيضا أخذ رسم شهري مستمر, كما أنه من الممكن أن يكون مجانيا تماما ونأخذ عمولة من أصحاب المواقف, أو نأخذ عمولة من أصحاب السيارات على حسب عدد مرات الركن ...الخ.
كما ترى الخيارات كثيرة ولكن بالنظر لمثل هكذا تطبيق نرى أن المنافسين وعلى سبيل المثال يقومون باقتطاع عمولة صغيرة من أصحاب المواقف فقط دون تقاضي أجر من أصحاب السيارات , والسبب هو أن التطبيق سيكون مجاني بالكامل للمستهلك وبالتالي انتشاره سيكون سريعا جدا وهو مفتاح نجاحه, انتشار أكثريعني استخداما للمواقف أكثر وبتالي عائدا أكبر, وهكذا من وجهة نظر أصحاب المواقف فإن اقتطاع عمولة صغير من أجرة الركن ستكون كفيلة بملئ الكراج الخاص بهم وبتالي عائد مادي أكثر.
نستنتج أن الخيارات كثيره ولكن يجب النظر من وجهة نظر العميل أيضا والتفكير بدلا عنه أثناء أخذه قرار الشراء.
انطلق في اختيارك لنموذج التسعير ولا تقلق حيال تغييره لاحقا بعد قراءة السوق والتعلم.
بعد حصولك على نموذج التسعير الأولي, أنت جاهز الآن للمرحلة التالية وهي الحصول على الزبائن التجريبيين, هذا ما سنتحدث عنه في المرحلة الخامسة التالية من مشوار "كيف أنقل فكرتي إلى مشروع تجاري مربح".
دمتم بخير.
(لمتابعة باقي السلسلة، ستجدها في "كيف أنقل فكرتي إلى مشروع تجاري مربح")
المصادر:
- خبرتي المتراكمة من إطلاق ثلاث مشاريع ناشئة خلال ست سنوات سابقة وعملي ضمن شركات أخرى منذ 2007.
- مؤتمرات وندوات وبرامج تعليمية قمت بحضورها.
- مفاهيم متعددة أخذتها وطبقتها من عدة كتب مثل:
- Purple Cow/Built to Last/Disciplined Entrepreneurship/The Lean Startup/Personal MBA
المستوى الثاني
23:07:57
كان ذلك مفيدا شكرا
المستوى الثاني
21:07:07
موضوع جد جد رائع ومفيد شكراً
المستوى الثاني
15:03:42
حاليا نتيجة وجود منصات إلكترونية كثيرا نلاحظ عدم توافق السعر مع الجودة بمعنى ممكن تقديم منتج بجودة عالية وبسعر منخفض نتيجة تقديمه من قبل آيادي عاملة في دول ذات مستوى معيشي منخفض ومع ذلك يعتقد العميل أن الجودة ستكون سيئة ودراسة الأسعار في السوق تكون متفاوتة بشكل كبير. بعض الشركات في مصر وتقدم خدمات الكترونية في الخليج ولكنها غير مرخصة ولا تتحمل أي تكاليف ضمن الخليج بالتالي تكون تكلفتها قليلة مقارنة بالشركات الخليجية الموجودة فعليا في نفس الموقع الجغرافي أو الشركات التي تعمل عن بعد مع طاقم مبيعات موجود في الداخل. وهذا التفاوت والاختلاف الكبير كيف يمكن معالجته وخاصة للشركات الناشئة والتي تحتاج دخول السوق بامكانيات محدودة وأسعار لا تعرضها للشك وتحقق منافسة؟
المستوى الثاني
10:03:32
هذه النقطة بالذات هي ليست مشكلة الشركات الناشئة في التسعير .. إنما هي مشكلة عامة لجميع أنواع الأعمال التجارية والصناعية وحتى السياحة وهلم جر.. الحل بسيط بالكلام وصعب جدا بالتطبيق .. الحل هو استهداف السوق الصحيح وتلبية رغابته بالطريقة الصحيحة .. قد تعتقد أن سوقك وسوق الشركات التي تبيع بأسعار منخفضة هو سوق واحد .. لكن أنت مخطئ .. يوجد دوما أسواق مختلفة تستهلك نفس السلعة أو تطلب نفس الخدمة ولكن رغباتها مختلفة .. أعطي مثال عملي سريع .. عندما أريد شراء بعض الحلويات الشامية .. أذهب لسوق الحلويات وأرى مئات المحلات تبيع بأسعار رخيصة جدا والناس تتهافت عليها .. ثم أذهب إلى شارع آخر في منطقة أخرى وأشتري من بائع مختلف .. السبب أنني أشتري من ذلك البائع البعيد أن الجودة أعلى .. طرقة المعاملة أرقى .. أشعر أن لديه نظافة أفضل .. طريقة التغليف ممتازة .. والاسم مشهور أستطيع التفاخر به .. إذا ماذا نلاحظ هنا .. نفس المنتج .. ولكن استهداف السوق الصحيح وتلبية الرغبات بالشكل المتقن هو الحل والله أعلم.
المستوى الثاني
22:11:53
جميل شكرا على مشاركتكم
المستوى الأول
12:09:30
شكرا جزيلا على المعلومات المفيده. عندي استفسار في حالة نزلت منتج بسعر اقل نسبا لخطأ في التسعير و العملاء اشترو و بدأو يطلبو مرة اخرى لكن السعر السابق غير مربح بالنسبه لي و اصبحت في موقف مع العملاء .سؤالي كيف يمكن لي ان اعالج الموقف واغير من السعر
المستوى الثاني
13:09:29
شكرا لسؤالك الجيد ... عندما تبيع يجب أن تبرم عقد مع مدة انتهاء .. مثلا مدة العقد سنة .. عند تجديد العقد يصبح السعر مختلف بعقد جديد .. طبعا هذا حل .. الحل الأفضل هو معاملت الزبائن المبكرين معاملة مختلفة كونهم أخذو مغامرة كبيرة بالتعامل معك وأنت جديد في السوق .. بمعنى آخر يجب ان تبقي سعرك مخفض لهم .. لكن الزبائن الجدد الذين يأتون بمراحل متقدمة .. يمكنك أن تبيعهم بالسعر الجديد .. لكن يجب أن تنبه زبائنك القدامى أن سعرهم مخفض كثيرا وتستفيد منهم بتجريب بعض الخدمات الجديدة عندهم .. لأنهم سيكونون صبورين كون سعرهم مخفض جدا
لإضافة تعليق
يرجى تسجيل الدخول أو التسجيل !
الأكثر تفاعلاً مع المقالات